تعال لأخبِرك سراً،
ولا تعتذر، عن خيالٍ بأثوابِ شوقٍ توارى،
هنا قبل عامٍ وقبل الوجود،
وقبل إنتفاء الهوى والعهود،
تواجَد قلبُك،
وحطّ على ساحةِ الإعتصام،
هنا قبل كشفِ الغطاء، وحينَ ركد الغديرَ ابتدت أغنيات الحمام،
هنا حيثُ ’’عبد السلام‘‘،
لستُ مِمن يعيدون سرد الحديثِ مراراً ولكنني مغرمٌ بالقيادة،
مغرمٌ بالتواجد في رحمِ شعبي،
حائرٌ في الوِلادة،
علّمتني المسيراتُ للقصرِ أن الحنينَ طويل،
وأن الهُتافَ إذا ما تعالى يرشّ السعادة،
وينزَع عن كل قلبٍ وِسادة،
’’يا عُنصري ومغرور، كل البلَد دارفور‘‘
ويسقطُ أقبيةً للظلام،
هنا حيثُ تزهو الحقيقة في قلبِ شعبي، حيث ترقُد قُنبلة الذكريات،
حيث يَبْدَا السلام،
تعالَ لأفتح باب المدينة لك، أيها العاشقُ المُنتّصر
تعال لأخبِرك سراً، ولا تعتذر،
المدينة غارقةٌ في المجاز الذي لا يُفكّ بقيدِ الكسور،
والحواري تؤانِسُ حُرّاسها،
بالصخور،
والمتاريسُ في ساحةِ الإنتصار،
ثَمَّ صوتٌ يغلغل ذهنَ الجسور، ويكتبُ أول تغريدةٍ في سماءِ الوطَن،
’’سقطت، ما سقطت صابِّنها‘‘
ثَمَّ من يقرعُ الآن صدرَ الجرَس،
آنساتٌ خلَدن إلى النومِ لا خائفات،
أخرياتٌ وقفنَ بروحِ الترَس،
يشتهينَ بلاداً بشكل حبيب لطيفٍ ودود،
يشتهينَ خلاصاً بأغنية في جنوبِ الحدود،
يشتهينَ تفرّع سنبلةٍ في الشمال،
يشتهينَ من الفاشِر ورداً، ومن كسلا يشتهينَ الغِلالْ،
تعالَ لأخبِركَ سِرّاً، تعالْ،
ولا تعتَذِر،
فالهوى في السؤال،
أيها الغائب عن وعي هذي الجموع، أتسمع دقات قلب المكان،
أتسمع رصاصة الإحتفال؟
أتت من بعيد، من حنايا الشهيد،
لتعلِن عصيانها، تعتذِر،
أتسمع رصّاصة الإعتذار؟
أيها الظافرُ بالحب، والثورةُ أمّك،
تعالَ سأفتح باب الحديقةِ لك، هُنا من يضمّك،
الفَراشُ على خِصرها دائرٌ كالخيام،
والعصافيرُ مشدوهة ترقص الآن في حفلةٍ، يا سعاد،
أتُرى في البلاد غير عِقد الجلاد؟
تشرئب عِناق المُريدينَ،
تنفُث عطراً،
يدغدغُ حاسة الشم في مهدِها،
لتصحو مع الغاز المسيّل للدمعِ ذاكرة الأمسيات،
تستفيقُ العِبارة في لغة الشاعرِ،
تثبِتُ فكرَتها الأولية، أن الإرادةَ بِنتُ التوكّل،
غيثُ النجاة،
يحتمي في المكان الكثيرونَ من أمّتي،
يشترون الرغيفَ بلا شيء،
يمنحون الحياة،
أعندَك؟ ’’خُتْ‘‘، ليسَ عِندّك ’’شيل‘‘،
أتفهم فكرة الإعتصام؟ أتعشق حيلة المستحيل؟
تعالَ سأفتح باب الحديقةِ لك، كي ترى ما تشاء، فالحديقةُ عن قُربٍ،
لا تعرِف الـ قالَ قِيل،
تعالَ سأفتَحُ باب المدينةِ لك،
لتأخذ جلستك الشاعرية،
لتنظُرَ للطفل يلعبُ في حجر أمه، يشربُ من ماءِ أخرى،
ويتركُ إحساسه للرصيف،
ستحمِل صافِرة الصبحِ أمجادها للخريف،
’’صباح الخير .. صباح الخير‘‘
ولا يفصِحُ الجيش شيء،
ستبرُقُ في الشمسِ ألفَ إبتسامَة،
وتُبدي حفَاوتها في ’’قُصي‘‘،
لتكتب كل القصيدِ تماماً، وتشعُر طعم الغناء،
وكَي،
تعيدَ الهواء لصدرِ الحمامة،
إذا زادَ عشقٌ على الحُزن طي،
نحبّ المدينة،
رُغمَ اكتظاظ السجونِ، ونحفَظها ما نشاء،
ورغمَ سيجارة سجّانها حين تحرِق كفّ الحياء،
ورغمَ الهواءِ المغلّف بالخوفِ،
رغم فظاظَتِها،
كانت تُبادِلنا الكبرياء،
وترجو السكينة،
نحبّ الحياةَ بهذي المدينة، نحبّ الحياة،
تعالَ لأفتح باب المدينة لك، أيها العاشقُ المُنتّظر
تعال لأخبِرك سراً،
لكي تنتَصِر،
سُلطة الشعبِ فوق كلّ الطقوس،
ساسَةُ الشعب أصدقاءُ المكان، أشقياءُ الزمان،
الحقيقةُ في عينِ صاحبها لا تغوص،
الطريق إلى الثورة المستحيلة، يبتَدي في النكوص،
والطريقُ إلى اللحظةِ المستطيلة، ينتَهي في الجلوس،
لاتقِف حائراً،
كلّم بواعِثك المستبدّة،
قل للخيال الذي هو منك: اقترب،
فالمدينة تعرِف كيف تقلّب صفحات عاشقها،
ثم تكتب في آخر الصفحةِ ’’المُغتَرِب‘‘،
هو حال الحبيباتِ في كل ليلٍ يُداعِبنَ فيك الحنينَ الخَصِب،
هو حالُ الحديقة في بوحها المُضطرب،
هو أنتَ تغني وتحلُم كيف الإعادة، هو أنتَ مصابٌ بداءِ القيادة،
مُغرمٌ بالقيادة.