نصٌّ آخرٌ ينزف ، غير آبهين .
__________________________________________
(1)
- أراني ، أرى الوقت حافياً
في سديم الغناء تلاحقني صورةٌ للضباب
تنزوي إلفتي بانعتاق أحاديثي المزعجة ، تنزوي إلفتي للحقيقةِ
يختبي ظلي اللا أراهُـ على حائطٍ من سراب
شائكاً كنت في وقتها أنثر الكبرياءَ على جسدٍ عالقٍ بالشراب
كنت أسكَرُ باللاوجودية النافِذه
وأطير على هيأةٍ رثةٍ حاملاً آيةً للغيـاب
هكذا شكّل الزيفُ أحلامَنا ، حين أعلنَ غُفرانه وانبَرى صمتُنا للعقاب
هكذا صوّر العابرونَ محطاتهِم
في حديثٍ يؤرق أعيننا ، في مرايا تحمِّلنا مخطئاتِ الصواب
(سارة ) لم كل هذا الفتور الذي يعتريني ، لم كل هذا العذاب ؟
ينزل الموت من علياءه ، يتساءلُ الرب ويقذِفني بنظرةٍ ثاقبة ، كيف أنتَ ؟ أقول وقد انحنتْ داخلي لوعةٌ
اقول: بخيرٍ ، إظهر إليّ
يقول: ستدركني بالكتابةِ ، بالشهقةِ الأولى من الحب ، اقول: لمَ الحبّ ؟
يقول: لأني أراك على أحرفٍ مجهدة
أقول: لم الشعر ؟
يقول: النبوءة نصفُ الحياةِ ، ونصفٌ من الموتِ تحمِله بشرياتُ الصِحَابْ
وما أنتَ الا كَمعزُوفةٍ حلّقتْ في ارتِياب
اعوذ بك الآنَ من تِلكم الأحرف العابرة ، أعوذ بلونيةٍ تحتويني
لتأخذني صوبَ منفايَ تقذِف بي في دماء الذين يغنون للربّ ، يروّون أحلامهم في انتشاءٍ
أعوذُ بك الآنَ يا شاعراً أَقحمَ الموتَ في نصّه وعلق آثامه في السماء
أعوذ بك الآن فأحتمل ما تصوّره الابجديةُ
كائناً كنتَ ، قبل الخلاء العظيم .
(2)
( سارة )
- لست أدري لماذا اقصّك هذا المواتَ ، ولكنّني في حروفٍ بكائيةٍ اقتفيك -
مرةً أخرى ينظر الرب نحوي ويخبرني بالحقيقة (أنت النبي) ، يقول ، وقد علِم الناسُ ماذا
يدور
يالها من بكائيةٍ مرهِقة
يالنـا من عرايا من الحبِّ ، لو أننا في القصائدِ
علّقْنا ، كبرياءَ الطفولةِ
ذكريات المحطات والأرصِفه
الطريقُ الطويلُ إلى الحزنِ ، والعابرونَ
الحديقةُ والشاعرية واليعربيةُ ، هذا التمدد في الصمتِ والموت والانعتاق الغريب
لَكُنّا أختزلنا التفاصيلَ في لوحةٍ منهكة ، وقمنا إلى الرب لا ساجدين
يالنـا من عرايا من الحبّ ، يالَنـا من عرايا
سيضحكُ هذا المكانُ على ما أثيرَ
من القولِ والذكريات .
سيضحكُ / يلعن فينا التماهي الملفّقِ بالخوفِ
يسخرّ منّا لأنا افتعلنا الذهول
وبأذهان أغنية سوف نبدو مجانين ، سوف نرحلُ عن عالمٍ لا يكف عن النهش في
جسدٍ أعدمي
وبأذهان أغنيةٍ سوف يخرُج من نصّنا ، آدَمِي .
(3)
ليس لي صفةٌ أخرى ، سأُسْمِيك منفى
أينما كنتَ ، كانت عصافيرُك اللايغرّدن يُفصِحن عن شوقهِن ويحنين بالموتِ والشعر ، خوفا
لغةٌ تستبيحُ العواطفَ
وطنٌ يشتريك وينعيك في ذاته ، والمرايا
كل يومٍ تبايعك المئذنات ، و يرتاحُ في دمِك الحرفُ وقفا
أيها الشاردُ من لافتات الشوارع والاتربه
أيها النازع عن وجهك أقنعة الأغنياتِ ، ومحكمة الايديلوجيا
أيها الغارزُ في الوقتِ سيفا ، سأنبئك العاطفه
فبلّغ عن الشعرّ صورته الألمعية
وبلغ عن النصّ من زار في صمته الموتَ، ضيفا
ليس لي صفةٌ أخرى ، سأُسْميك مَنفّى
فلتَصِر أنتَ أو فلتنلها المنابِر ، خاضعاتٍ تقلدن إسماً لشاعر
ولتُقِم ثَمّ في الريشِ نتْفا
طائراً مجهداً مزقته النصوص ، يا شخوص الطقوس ، يا لصُوص النُصوص
(4)
طوُبى لهذا الجرّح ما فتِئَت سمَاهُ من التمدد
في سقفِك العُلوي أنظُرُ صورةً ولْهى
تبايعُ نفسها ، تلِدُ التَوحُد
لو يعلمُ الحمقى بأن قصيدةً تُجِدِ التعهد ، ما كنت تُدرِك ما الفُرادى ما التعدد
في رقصةٍ أبديةٍ ، والله محتضنٌ بُكاك
طفقت شموس العارفينَ تطوفُ في أسفٍ سمَاك
إذ كلما عبرتْ من التابوتِ أتربةُ الحقيقةِ
ثمّ حاقَ بك التوجّسُ خيفةً
غُلّتْ يداكْ ، وبلونك المملوكِ للفتيات حلّق في الجريدة ، كالشاعرِ المصلوب في جسدِ القصيدة حلّق غماماً أزرقاً ينوي الرشاشة
في حِفنة الكلمات يُغرق ، لا تطوُقه
الهشاشة ، سيذاع في الأرجاء: ( مغتصِبَ الفراشة )
وتُراق في الساحات أورِدةٌ وئيدة ، حلّق كمن صلبوه في جسد القصيدة
(5)
لأجلِكِ يا سُورتي المستميتةُ
لأجلِكِ أُطلِقُ أجنحتي للرحيل إلى عالَمٍ فوضويٌ مَهِين
فيكِ أنشودةٌ ضاحكة
فيكِ أصوات خيالاتِنا المُرهَقه ، فيكِ من صبرِنا ما يقارب خمسينَ حُزناً ونيف
لفظَت تواشيحُك من يدِي وردةً
لم أشـأ أُعانِدُها ، رحتُ أُسقِطُ قِرطَاسي المُنهمِر
رحتُ أُتبعهم بالغِثاء
لست أنتَ كما أنتَ ، قلتَ ولم تعتبرني وجوداً
بلى ، لم أعدْ يافعاً تزدريهِ المجازاتُ
والأخيُلة
إذ غرُبْتُ عن اللّه ، ضعتُ لألقاكَ يا نصُ في وجديَ الشاعرِيّ
يا شفيفاً كأندلّسٍ نائية
يا لطيفاً كسنبلة حانية
وأنتَ كما أنتَ لم تختبِر ضُعفَ هذي القلوب
تعالَ وخذ من فمي ما تريد
فالمجانينُ معقولُهم في الوعيد ، سِجالك ينهضُ ، يعرُكني في هوَاي إليك ، تعال وخذني إليك ، تعال وخذني إليك
(6)
( سارة ) .
مرةً أخرى ستُبلغني القصيدةُ أنني المنفى لديها
مرةً أخرى سنخرج في الملاحمِ
نازعينَ بياضنا
كي نعيد لصوتنا لغةً تعلّمه الصمود ، مرةً أخرى ومن جسدي ستنسلخُ العهود
(7)
هِبني يميناً تُتقنُ التخليقَ في زمنِ النجاسة
اللهُ مُذ نَسِيتْكَ مهجتُنا ، تحرّفْنا
السياسة
في الراحةِ الأولى من التعريف لم
نجهلْ شخوصَك ، هِبنا نصوصاً كلما أُبتُذِلتْ نصوصك
(8)
صفوني لباعةٍ غيرَ هؤلاء ، أنا النبـي المنتظر
صفوني لنخلةٍ تُمارِس الولاء وتحضن المطر
سماءهم تلبدت بغير ما أشاء فطارتِ الصوَر
صفوني لباعــــــةٍ غيرَ هؤلاء ، سأقتُلُ الخـبر
(9)
و اسْمُكَ يعرُجُ بي في سماءِ المُنى
( بريدَك أنا ) كشاعرةٍ لم تُفِقْ من رُؤَاها تداعبُ في حيرةٍ كِبرياكْ
ستأتيكَ من آخر الجُرحِ مالم تكن يومَها عاطفي وتأتيك من لُجة الصمتِ
تشهَقُ ، تزفرُ إحساسها في دُجاكْ
ألا جاوزَ البحُر موسى وإني على خِصرِها لا أراكْ
ستصنعُ بالخيط ممشًى إليك
وتأتيك ، ترقص
حافيةً منذ آخر لحنٍ سمعناهُ ، كانت تناديكَ
يا راحتي ، ما عليك ؟
ستخبرها بالفضول الذي كان ينتاب ذهنك
وتخبرها بالمجال الذي غاب في صورةٍ ، كان قد جز مِن صدرها مَنْ حَفَاك
ستخبرها ، أنها لا تراكَ ، حقيقتُكَ الآنَ مُستهلَكه
فيا صاحبَ الحرفِ ، قل لي تمهّل
سنجتازُ في شوقِنا ما ترهّلْ ، ونجتاحُ عاصفةً في هواكْ
صديقي ، هو الحبُ ، أسطورةٌ لم تزل تَقتل العاشقَينِ على مفرَقٍ أو لقاء
تتجافى جُنوبُك عن مَضجعٍ لم تزل فيه تبكي
وتحيّ الدعاء
أيها الغارقُ في مهدِك الشاعريّ ، استقم ثَمَّ ريحٌ ستسلوك في سيرها ، استقم
ثَم صوتٌ يناديك ( ما تنهزم ، دي النصوص سارحة بيك ، والجروح تلتئم ) ، استقم ، وانتقم
ربما لم تكن ذات حلمٍ نبياً
إلهي ، هو النص ، قافلةٌ من أحاسيسَ مرت على صفحةٍ من حنينٍ ، فخذني وخذها وزد في العقاب ، وصرني إليّـا
(10)
ولا شأن لي
لغةٌ تستبيحُ المدى إذْ تُعانِد صاحبَها كل صبحٍ وتنأى ، بأشواقه
ثُم تذرف من دمعِه ما تشاء
كلّ صوتٍ سيأتي كما الموتِ من فِجةٍ لا نراها هو الموتُ مختبيءٌ في العراء .
المغنون أحلامُهم غيّرَت صوتَهم للبكاء
شاخ في الوجدِ إنسانُك العامريٌ ، يا سَنا الوعدِ لو أننا ما انطفأنا سنُدْركها في السماء
يا هوى الليل في التلاحين يخبو
يصطفي شرفةً من خلال التي عبّرت عن مجازِ المحبين
قالت ( أحبّك ) ، في صورةٍ سمجةٍ وأرتضت أن يقال انزوت في فؤادك تهمُس: (إنك الشاعرُ المُستجابُ الدعاء )
يا صديقي ، عفى الله عمّا سلف .
______________________
قبلَ الخلاءِ العظيم ، 14 يوليو 2017 م .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق