الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

(ديسمبريات - النشيد الأول - الراكِبونَ رؤوسَهم)

موطِني قبل عامٍ تسامى
أسقَطَ الخوفَ بالهُتافِ وقاما

نازَع الناسُ كل حلمٍ تجلّى
كان في قديم الزمانِ حُطاما

ورمَوا جمرةَ العذابِ وصلّوا
قِبلةَ المجدِ، والهديرُ تنامَى

تمنحُ الحرّ يا رحِيبُ هواءاً
يفتح الصدرَ للرصاصِ غراماً

وتُناجي كل نارٍ تشظّت في 
الإطارِات، كيف نُزجي الظلاما؟

المجازاتُ صِرن بعدُ حيارى،
كيف يبلُغن بالقصيدِ الفِطاما؟

والشعاراتُ ملءَ كل طريقٍ
طوّع الشوّقَ، أعجز الإنهزاما

عامُك الآن يا عرُوسَ الأماني
كسحابٍ في السما إذْ ترامى 

راقِصٌ، يُترِف الحياة ويسقي
ديدنَ السِلم، يجرِف الإنتقاما

وكإعجازِ أغنيةٍ بعثروها
صارَتِ الحاءُ بِالمناحاتِ، لاما

وكتُوفٌ في إنتظارِ صبي، 
يشْعِل الصفّ، أو يُنادي: "علامَا؟

قتَلوا إخوتي، في البَعيدِ
وكالوا، إنّه الكيل قد
أضاعَ السلاما"

وبكانُونَ والنوَاح إزارٌ، 
ألبسوهوا الفتى، حينَ صلّى،
وناما

مُحدِثاتُ الردَى قد تجمّعنَ وهناً
أثقل القلب بالجِراح وهاما

يا صراط الذي بالحروفِ تبدّى
يُوهِب الطائرَ الكسيرَ إهتماما

وتعدّى سُلطة الموتِ مثلما
حرّر الظُلمَ من عناقٍ سِقاما

قد تفجّرت بالدماء عيوناً
ترفُد الشعب بالهوى، إن تعامى

وتنكّرت في البيوتِ خريفاً
يغسل الدمعَ من عيون اليتامى

موطني، الهادِر الكبيرُ، تعالَى
في خطًى راسخاتٍ قواما

حطّم القيد في أكفّ الصبايا،
وأشترى بالحلالِ صيداً حراما

إنهم، هُم الراكبونَ رؤوساً،
أوصلوا الزورقَ العتيقَ المُراما

إنها الثورة في كلّ ربوعٍ، جمَّلت
 نفسها في إنتظارِ النَداما

وتهادَتْ كل فجرٍ صبوح، عُرسها
الباذِخَ المُسمى إعتصاما

فُضلياتُ الأناشيدِ شرقاً وغرباً، 
كالشمال الذي يكرَهُ الإنقساما

" الطواغيتُ هشّموا ما تبقى،
عطّلوا الروحَ أفرغوها تماما "

والمراراتُ حين أفضَت جموعاً، 
صادروا من دُجاها الشِفا والكلاما

ليت أبريلَك المُفتدى كان ورداً، 
والقيادةُ بِكرٌ، والعروس حماما

لم نكُن يومها قد خسِرنا طريقاً، 
بل وُهِبنا الأذى كي نرى
 الإبتساما

عادَ أُكتوبَرُ في الحلمِ أبهى، 
 كان ديسمبرُ قد سقاهُ إحتراما

شعبُكِ الطِفلُ يا بلادي أبيٌّ،
صفحة القهر قد طواها تماماً.


ديسمبريات - النشيد الأول - الراكبونَ رؤوسهم.

(ديسمبريات - النشيد الثاني - هشام عثمان الشواني)

إلى هشام عثمان الشواني وآخرين، وعبر ألسنةٍ عاجزة، وقبل ذلك إقراراً للتأريخ:

وصبرُك الشاهقُ المكلومُ ينصرِف
بوقتِ صابَك تصويبٌ به ترَفُ

وخلف عزْمِكَ، ثوارٌ منابِعهم تضج
بالشوق للشهداءِ إِن عطَفوا

أثرتَ حزنك للتجّارِ قلت لهم،
صفاتُ أهلي أن للخوفِ ما
اقترفوا

و ذنبُ أهلي معقودٌ بحنجرةٍ، هوى
الحديث بها للموتِ
 فأنجرفوا

سبيل أهلي، تشييعٌ لمظلمةٍ على
الزمان
تنامت فيه تئتلِف

وكل قولِك مأثورٌ وأنت به خضمّ
 وعيِك
"بالإسقاط" تحترف

لكل شبرٍ تثور الأرضُ معلنةً
نزعَ الطغاةِ إذا ما للحِمى
 دلفوا

حياة ناسٍ، وأنفاسٌ مجردةٌ من
الهواءِ، تُعيد الآن ما
خطفوا

هناك خطوُكَ، بِـ أمدُرمانَ طاب بهِ
حمامُ سجعٍ تنادى،
كيف تنخطِفُ؟

ورودُ وعيكَ، والإفلاتُ من زمنٍ،
هو الآن مشروعٌ لِمن خُطِفوا

تَلَوتَ وِردكَ والساحاتُ مغرمةٌ
بصوتِ نبضِك، يسمُوها بهِ الشرَف

ونلتَ قهرك للسَكَرات، قلتَ بلى
شهيدُ حقٍ و لكن لستُ أنصرِف

هناك روحٌ تساءِلني، بـ كيف لها
تغادِر الآن؟ ثُم يُكَفّ من هتَفوا!

هناك طفلٌ، و أزهارٌ بلا وطنٍ،
هناك طيفٌ، و منفى شابَهُ الأسفُ

هناك جمعٌ من الشهداء قال لنا:
(هناك أنتم، ونحنُ، كلّنا قِطفٌ

من القُبورِ أتَينا، إن أُريدَ لنا هزيمَ
حُكمِك يا رقّاصُ ننكشفُ

عن الطريقِ طريقاً إذ نسيرُ به
يزلزِل القصرَ، في موطاكَ ترتجفُ)

و أنتَ أنتَ هشامٌ للزمانِ مضى،
و بعدُ بعدِك أسماءٌ ستنحرِف

سيُخرِجونَ من الحاراتِ موكبَهم
ليصنعوا المجدَ كيف المجدُ
يُكتَتَفُ

ويكتبون بلا حبرٍ قصائدهم، على
الرصيفِ دماءاً، ليتها الصُحفُ

قُبَيل نصرِك، من دارفورَ سوف
تجيء، كتائبُ العلمِ و
القرءان تحترِف

تِلاوَ وِردك ثم تعودُ ظافرةً
وبعد نصرِك، كل الحُزنِ ينصرِف

نقشتَ عهدَك بالتاريخِ، هِبتَ لنا
مواطِن العزّ، حيثُ الله يتصِّف

أراك تعبُر أحلاماً مباركةً، ونحن خلفك
بالأحلام نجترِف.

10 Jan 2019.

وزي ما قال أحمد جعفر: (أيها الناس .. اني ارى هشام الشواني ، محمولا على الأعناق قريبا ، يبكي فرحا لسقوط البشير!)، وهي النبوءة التي صدقت بالفِعل.